
روبرت كينيدي ابن أخي الرئيس الأمريكي المغتال جون كينيدي، والمرشح المستقل في الانتخابات الرئاسية الأمريكية التي ستنظم في 5 نوفمبر/تشرين الثاني المقبل قد يعلن انسحابه اليوم الجمعة من السباق الرئاسي ويدعم مرشح الجمهوريين دونالد ترامب. وهو ما سيمثل زلزالا كبيرا في عائلته ذات التقاليد الديمقراطية. فما هي الدوافع التي جعلته يقوم بهذه الخطوة وهل سيستفيد دونالد ترامب من هذا الانسحاب؟ وما تأثيره على حظوظ مرشحة الديمقراطيين كمالا هاريس؟ “من فضلك بوبي، اسحب ترشحك من الانتخابات الرئاسية”.
هكذا توجهت كيري كنيدي، ابنة أخي الرئيس الديمقراطي السابق جون كيندي الذي قتل في نوفمبر/تشرين الثاني 1963 خلال زيارة إلى مدينة دالاس، بالحديث إلى أخيها روبرت كيندي لكي يتخلى عن مشاركته في الانتخابات الرئاسية المقبلة وبالتالي لا يلحق ضررا بالحزب الديمقراطي.
ويبدو أن روبرت كينيدي استمع إلى دعوة أخت، وسيعلن فعلا الجمعة تخليه عن المشاركة في الانتخابات الرئاسية المقبلة خلال خطاب سيلقيه في ولاية أريزونا. لكن في الوقت ذاته، من الممكن جدا أن يعلن هذا المرشح ابن العائلة الديمقراطية دعمه لدونالد ترامب وفق صحيفة “نيويورك تايمز” وقناة “سي إن إن”.
ودائما، وفق الصحافة الأمريكية، يبحث هذا المرشح عن عملية مقايضة. بمعنى أنه يقبل أن يتخلى عن ترشحه لخوض غمار الانتخابات مقابل حصوله على منصب في الإدارة الأمريكية. وأشارت جريدة “واشنطن بوست” أن روبرت كينيدي اتصل بكامالا هاريس لكن هذه الأخيرة رفضت الطلب.
عكس دونالد ترامب الذي قام بمدحه واصفا اياه “بالرجل العبقري” وقائلا بأنه “مستعد أن يمنحه منصبا في إدارته حال فوزه بالانتخابات الرئاسية”.
وفي حال حدوث هذا السيناريو، سيكون روبرت الشخص الأول من عائلة كينيدي ذات التقاليد الديمقراطية الذي ينضم إلى الحزب الجمهوري ويساند مرشحها بعدما قرر المشاركة في الانتخابات الرئاسية في 2023 تحت ألوان الحزب الديمقراطي. تصرف وصف “بالزلزال السياسي” في سلالة عائلة كينيدي العريقة.
ويعد “النقص في التمويل من بين الأسباب الرئيسية التي جعلت روبرت كينيدي يميل إلى معسكر دونالد ترامب”، وفق تحليل بيير بورجوا، أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الكاثوليكية الواقعة غرب باريس.
فهو لم يستطع أن يظهر بما فيه الكفاية في الحملة الانتخابية وينظم مهرجانات كبيرة بسبب نقص التمويل والدعم المالي. كما واجه أيضا مشكلة أخرى في منتصف شهر أغسطس/آب الجاري مع قاض من نيويورك رفض أن يصادق على ترشحه بحجة أن العنوان الشخصي الذي دونه في ملفه الإداري “وهمي”.
وعلى الرغم من أن روبرت كيندي قام باستئناف الحكم، لكن يبدو أن هذا “المشكل القانوني” عجل أيضا من قراره بالانسحاب، يضيف بيير بورجوا.
عرف روبرت كينيدي تقهقرا في استطلاعات الرأي بعدما أعلن بايدن انسحابه من المسابقة الانتخابية. لكن على الرغم من ذلك، ما زال يحتفظ بنحو 3 بالمئة من الناخبين المستعدين للتصويت لصالحه وفق استطلاع للرأي أجرته صحيفة ” ذو هيل”.
وهذه النسبة يمكن أن تكون حاسمة بالنسبة للمرشحين كامالا هاريس ودونالد ترامب اللذين يسعيان إلى الوصول إلى البيت الأبيض. وبالنسبة لترامب ففي حال استفاد من أصوات روبرت كينيدي، فهذا سيكون بمثابة “غنيمة حرب”.
ووصف مدرس العلوم السياسية بيير بورجوا روبرت كينيدي بأنه شخص “معاد للقاحات وصديق للبيئة ومناضل في مجال الحقوق الفردية وشعبوي”. وأضاف أنه يمثل ” جزءا من أمريكا التي تعيش على الهامش” و هو”منطوٍ على نفسه” لأنه يملك شعورا بأنه لا بايدن ولا دونالد ترامب يمثلانه سياسيا.
وهنا تكمن قوة كامالا هاريس حسب بيير بورجوا إذ تمكنت من جذب هذه الفئة الناخبة التي تعيش على الهامش وذلك سواء تعلق الأمر بالأمريكيين الذين ينتمون إلى اليسار أو المعتدلين الذين “لم يكونوا يؤمنون بفوز بايدن في الانتخابات الرئاسية”.
ووفق استطلاع للرأي نشرته مجلة “نيوزويك” فإن انسحاب روبرت كينيدي من السباق الرئاسي سيفقد بعض الأصوات لترامب ويسمح لكامالا هاريس أن تحتل الصدارة في الولايات “المتأرجحة” خاصة في نيفادا وكارولينا الشمالية.
لغاية الآن من بين الولايات “المفتاحية السبع”، لم يتمكن روبرت كينيدي أن يتواجد إلا في أربعة منها وهي أريزونا ونيفادا وميشيغان وكارولينا الشمالية، وفي هاتين الأخيرتين، يستفيد من دعم 2 بالمئة فقط من الناخبين وفق توقعات أجرتها شبكة “سي بي إس”.
أي عدد قليل جدا من الأصوات التي لا يمكن في نهاية المطاف أن تؤثر على نتائج الانتخابات.
سفيان أوبان